(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
تفاسير سور من القرآن
67243 مشاهدة
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

...............................................................................


والدلالة على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب تفهم من نصوص الوحي ومن اللغة العربية. أما نصوص الوحي فقد دلت على ذلك أحاديث صحيحة تدل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما يدل عليه استقراء القرآن، وتدل عليه اللغة العربية أيضا.
فمن الأحاديث الدالة على ذلك قصة الأنصاري المشهورة التي ذكرها الله في سورة هود، وسيأتي إيضاحها وضابطها: أن أنصاريا كان تمارا فجاءته امرأة تريد أن تبتاع منه تمرا، فأعجب بجمالها، فقال لها إن في البيت تمرا أجود من هذا.
فلما دخلت في البيت تظن أنه يبيعها التمر الأجود كان بينه وبينها ما لا ينبغي أن يكون بين رجل وغير زوجته، إلا أنه لم يقع بينهما ما يستوجب الحد، فكان شيء؛ مثل التقبيل، والضم، ونحوه، ثم بعد ذلك ندم ذلك الأعرابي، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيه آية مدنية في سورة مكية.
وهي قوله تعالى في سورة هود: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ ؛ يعني كالصلوات الخمس التي يقيمها في الجماعات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ؛ أي يغفر الله بهن تلك الذنوب؛ كتقبيل تلك الأجنبية.
ثم إن ذلك الرجل لما نزلت فيه الآية، وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذلك الأنصاري، وقال له: يا رسول الله، ألي هذا خاصة؟ وسؤال الأنصاري هذا مقتضاه أيختص حكم هذه الآية بي؟ لأنني هو سبب نزولها أم العبرة بعموم لفظ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بل لأمتي كلهم.
وسؤال الأنصاري هذا وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له ثابت في صحيح البخاري في تفسير سورة هود، وهو نص صريح في أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. ومن النصوص الدالة على ذلك: ما ثبت في الصحيح ثبوتا لا مطعن فيه من أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عليا وفاطمة رضي الله عنهما وأرضاهما وهما نائمان، وأيقظهما ليصليا الليل. فقال له علي رضي الله عنه إن أرواحنا بيد الله إن شاء بعثنا، فولى صلى الله عليه وسلم كالمغضب، يضرب فخذه، ويقول: وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا مع أن آية وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا نزلت على التحقيق في الكفار المشركين الذين يجادلون في القرآن؛ فيقول بعضهم: شعر، ويقول بعضهم: سحر، ويقول بعضهم: كهانة، إلى غير ذلك.
ويدل لأنها في الكفار أول الآية هو قوله: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ ؛ أي المكذب بالقرآن الذي لم يعتبر بأمثاله أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا وخصومة في التكذيب بالقرآن. فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أنها وإن نزلت في الكفار أن عموم لفظها شامل، لقول علي رضي الله عنه: إن أرواحنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا.
ومما يدل على هذا من اللغة العربية أن الرجل مثلا لو كان له أربع زوجات فهانته واحدة منهن وشتمته، وأطلقت لسانها فيه حتى أغضبته، وهي واحدة، والثلاث الأخر ساكتات لا يفعلن إلا ما يرضي زوجهن، فقال الزوج بسبب إغضاب التي أغضبته: أنتن كلكن طوالق؛ فإن الطلاق لا يختص بذات السبب التي أغضبته وآذته؛ بل يطلق الجميع نظرا إلى عموم اللفظ، ويلغى سبب اللفظ الذي حمل عليه، كما هو معلوم عند أهل اللسان العربي.